تخيل أنك تطلب من سيري من أبل أن يعرض لك صورة قديمة مأخوذة من عيد ميلاد طفلك الثاني أو تلخيص رسائل البريد الإلكتروني الطويلة ومسودات الكتابة، ثم يمكنه الاطلاع على جدولك الزمني وتفضيلاتك، حتى يتمكن من التواصل معك بشكلٍ أفضل طوال اليوم، هكذا يبدو واقع الذكاء الاصطناعي التوليدي على هواتف آيفون الجديدة.

يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تقديم إجابات مدروسة وشاملة عن الأسئلة والمطالبات، على أن يبث حياة جديدة في هواتف آيفون.

ومن المتوقع أن تعقد الشركة شراكة مع أوبن إيه آي المطورة لتشات جي بي تي، قبل مؤتمرها السنوي للمطورين العالميين في يونيو حزيران، لدعم أنظمة آي أو إس بالذكاء الاصطناعي.

على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد دعم بعض تجارب آيفون لسنوات، مثل التصحيح التلقائي المحسّن، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يفتح مستويات جديدة من التفاعل، وذلك في الوقت الذي تتعرض فيه الشركة لضغوط للحاق بالمنافسين مثل غوغل وسامسونغ، اللتين تستخدمان التكنولوجيا بالفعل في هواتفهما الذكية.

قال تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، في أحدث مكالمة هاتفية لأرباح الشركة في أوائل شهر مايو أيار، إن الشركة ستعلن إمكانات الذكاء الاصطناعي في هواتفها خلال الأسابيع المقبلة.

ليست شركة أبل دائماً أول من يتبنى التكنولوجيا الناشئة؛ فهي عادةً ما تجري الأبحاث وتتبنى سبل التطوير وتهدف إلى تحسين التكنولوجيا لسنوات قبل إدراجها في منتجاتها الجديدة، ولكن السرعة التي يتبنى بها العالم الذكاء الاصطناعي التوليدي ربما تسرّع حاجة الشركة إلى الحصول على هاتف ذكي مزود بأحدث التقنيات.

يمكن أن يؤدي ظهور جهاز آيفون مدعوم بالذكاء الاصطناعي لأول مرة إلى حث المستهلكين على الترقية في الوقت الذي كانوا يحتفظون فيه بالطرازات القديمة لفترة أطول.

وأعلنت شركة آبل إيرادات في الربع الأول بلغت 90.8 مليار دولار، بانخفاض 4 في المئة على أساس سنوي، إذ تواصل شركة التكنولوجيا العملاقة صراعها مع تحديات النمو، خاصة في الصين، وسط بيئة اقتصادية غير مؤكدة.

مساعد أكثر ذكاءً

على الرغم من أنه من غير الواضح كيف سيبدو جهاز آيفون في عالم الذكاء الاصطناعي، يعتقد الخبراء إلى حد كبير أن أكبر نقطة دخول هي من خلال سيري، المساعد الافتراضي للشركة الذي يتمتع بسجل حافل من النجاح أو الفشل.

آيفون مدعوم بالذكاء الاصطناعي
سيري يصبح أكثر ذكاءً (غيتي)

يمكن أن يحوّل تشات جي بي تي 4 أو، المساعد سيري إلى بوت للدردشة، وهذا من شأنه أن يمكّن سيري من أداء مهام محددة مثل تذكر صورة قديمة على الجهاز أو الإجابة عن أسئلة مفصلة حول الطقس أو الأخبار.

وبالنظر إلى المنافسين في هذا المجال، فمن المرجّح أيضاً أن يساعد آيفون في مهام أخرى مثل عرض تلخيص رسائل البريد الإلكتروني وصياغتها.

يمكن لجهاز آيفون المزود بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أيضاً أن يتكيف تلقائياً وبسلاسة مع المستخدمين، استناداً إلى الصوت والصور.

وقال توماس هوسون، المحلل في شركة أبحاث السوق فوريستر، إن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيسمح للأجيال القادمة من أجهزة آيفون بأن تصبح حاسة سادسة، ما يمكّن المستخدم من مسح العالم من حوله والتفاعل معه.

من المحتمل أيضاً أن يغيّر الذكاء الاصطناعي التوليدي نظام أعمال شركة أبل بالكامل من خلال تضمينه في تطبيقاتها الخاصة، مثل الخرائط وآيموفيز، وآيفوتو، وإصدار أدوات للمطورين للعلامات التجارية لتطوير تجارب جديدة من خلال تطبيقاتهم الخاصة.

تسريع الذكاء الاصطناعي

وراء الكواليس، يقال إن شركة آبل تعمل على تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي المولّدة على الجهاز وتستحوذ على شركات منذ فترة، مثل الشركة الكندية الناشئة داروين إيه آي، كما أنها تملك قسماً لأبحاث التعلم الآلي مخصصاً لتطوير الذكاء الاصطناعي.

ولكن بعد أن أشعل إطلاق تشات جي بي تي سباق تسلح للذكاء الاصطناعي في أواخر عام 2022، تلاه ضخ أكبر الشركات مثل ميتا وغوغل ومايكروسوفت للموارد في الأدوات ذات الصلة، ظلت أبل هادئة نسبياً بشأن رؤيتها في هذا المجال.

وقالت نبيلة بوبال، مديرة الأبحاث الأولى في شركة أبحاث السوق آي دي سي، إن الضغط من أجل المشاركة في المحادثة قد يؤدي إلى تسريع الجدول الزمني للشركة.

في وقت سابق من هذا الشهر، ذكرت بلومبيرغ أن شركة أبل كانت على وشك إبرام صفقة مع أوبن إيه آي لاستخدام تشات جي بي تي، وذلك بعد إجراء محادثات مماثلة مع غوغل.

وأكدت أن أبل عادة ما تأخذ وقتها في إدراج التكنولوجيا إلى منتجاتها مثل الأجهزة القابلة للطي، أو 5 جي، أو الواقع المعزز والافتراضي، حتى تخرج منتجاتها أفضل من كل المنافسين، لكن هذه المرة الأمر مختلف، إذ أصبحت مجبرة على دخول السباق مبكراً.

وقالت إن المستهلكين يعتبرون قدرات الذكاء الاصطناعي ذات أهمية أكبر من أي ميزة أخرى عند اختيار أجهزتهم المتميزة.

خلال حدث آيباد الأخير، ذكّرت شركة أبل المتفرجين بأنها تستخدم الذكاء الاصطناعي في منتجاتها لسنوات، بما في ذلك محرك المعالجة العصبية لدعم شريحة إيه 11 الإلكترونية، لكنها تحتاج الآن إلى إظهار تركيزها على الذكاء الاصطناعي لتظل ذات صلة بصناعة سريعة التطور.

(سامانثا ميرفي كيلي – CNN)