أجرى الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب يوم الجمعة ما قد تكون إحدى أكثر المقابلات أهمية في السباق نحو البيت الأبيض، لكنها لم تكن مع صحيفة نيويورك تايمز أو واشنطن بوست، ولكن مع جو روجان مقدم البودكاست الأكثر شهرة في العالم.
وفي ظل سباق متقارب للغاية للوصول إلى البيت الأبيض، تجنب كل من ترامب ومنافسته نائبة الرئيس والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس إلى حد كبير وسائل الإعلام الإخبارية التقليدية لمطاردة جماهير جديدة، وهي علامة -كما يقول الخبراء- على المشهد الإعلامي المتغير في الولايات المتحدة.
البودكاست.. ساحة تنافس بين ترامب وهاريس
البودكاست أو البث الصوتي، الذي كان يهيمن عليه في السابق برامج الجريمة الحقيقية وأسلوب الحياة، يقدم الآن للمرشحين طريقة فعالة للغاية لاستهداف الجماهير التي يصعب الوصول إليها بخلاف ذلك، بشروط ودية غالباً ومع مضيفين لديهم تأثير كبير على آراء مستمعيهم.
مع جمهور متزايد من الملايين -كثير منهم من الشباب والناخبين لأول مرة- فإن جاذبية الوسيلة واضحة.
لدى بودكاست روجان 17.5 مليون متابع على يوتيوب وحده، و14 مليوناً على سبوتيفاي ويبلغ متوسط أعمار مستمعيه نحو 24 عاماً.
قالت الأستاذة المساعدة في جماعة فرجينيا للتكنولوجيا، ميغان دنكان إن «المشهد الإعلامي في الولايات المتحدة يتغير باستمرار، وبالتالي يجب أن تتغير الحملات أيضاً»، معقبة «في سباق انتخابي متقارب إلى هذا الحد مع دارسة كبيرة للناخبين بالمرشحين فمن المنطقي وجود رغبة في الوصول إلى الناخبين الجدد ومنخفضي الميل».
في العقد الماضي شهدت وسائل الإعلام المطبوعة وكذلك التلفزيون انخفاضاً مستمراً بينما نما نطاق البث الصوتي بشكل كبير، بما في ذلك بين المستمعين الذين يستخدمونه كمصدر للأخبار، وفقاً لبيانات مركز بيو للأبحاث.
وجد مركز بيو أن نحو ثلث البالغين في الولايات المتحدة تحت سن 30 عاماً يقولون إنهم يستمعون إلى البودكاست عدة مرات على الأقل في الأسبوع.
عكست اختيارات هاريس وترامب في المسار هذا التحول.
في حملة مختصرة منذ حصولها على تأييد الحزب الديمقراطي في يوليو ظهرت هاريس ست مرات في برامج البودكاست ومن المنتظر ظهورها في عدد آخر قبل بداية التصويت.
وظهر ترامب في ما لا يقل عن 16 بودكاست مختلفاً تحدث فيها إلى مضيفين من نجوم الرياضة إلى صانعي المقالب على موقع يوتيوب.
لماذا يظهر ترامب وهاريس في برامج البودكاست؟
قال الخبراء إن المحادثات الأطول في البث الصوتي تُجرى في جو غير رسمي أكثر من الشكل العدائي للمقابلات مع الصحفيين المحترفين.
قالت محاضرة الإعلام والاتصالات في جامعة سيدني ليا ريدفيرن «البث الصوتي يناسب ترامب بشكل طبيعي»، معقبة «تبدو هذه المحادثات الفردية وكأنها مناقشات أكثر من المقابلات التقليدية الاستجوابية، ويبدو أن ترامب مرتاح للغاية».
وأضافت ريدفيرن أن هذا الشكل يسمح للمستمعين بالشعور بأنهم «يتعرفون» على المرشح، إذ غالباً ما تركز المناقشة بشكل أقل على نقاط الحديث من وسائل الإعلام الأخرى.
على سبيل المثال، في ظهور حديث في بودكاست «This Past Weekend» الشهير للممثل الكوميدي ثيو فون تحدث ترامب مطولاً عن كيفية تأثير صراع شقيقه مع إدمان الكحول عليه، وأعرب عن تعاطفه مع معركة فون مع الإدمان.
كان هذا بعيداً كل البعد عن خطابه العدواني المفرط أثناء الحملة الانتخابية.
في بودكاست «Call Her Daddy» الشهير للغاية، تحدثت هاريس بنبرة غير رسمية عن نشأتها والتحديات التي واجهتها كامرأة في الخدمة العامة.
وهناك عامل جذب آخر يتمثل في التأثير الهائل الذي يمكن أن يمارسه مضيفو البودكاست الشعبيون على جمهورهم.
قال ريدفيرن «جمهور البودكاست جمهور مخلص، ويصل كلام مضيف البودكاست عبر سماعات الرأس مباشرة إلي آذان المستمعين، يمكن أن يخلق هذا ما يشبه العلاقة الحميمة».
قال دنكان إن الإلمام بالاستماع إلى المضيفين وهم يتحدثون بصراحة عن حياتهم عدة مرات في الأسبوع يمكن أن يخلق أيضاً «نوعاً من العلاقات الاجتماعية غير الرسمية» للجمهور، ويمكن أن يمنحهم ذلك قوة كبيرة لتشكيل آراء المستمعين.
وفي انتخابات قد تحسم بفارق ضئيل للغاية يأمل ترامب وهاريس أن يكون التأثير على الجمهور المستهدف المناسب قادراً على إحداث الفارق.
(أ ف ب)