يحتفل العالم في 17 فبراير شباط باليوم العالمي للسياحة القادرة على الصمود للعام الثاني على التوالي في 2024؛ إذ خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوماً عالمياً لمناقشة ومتابعة مرونة السياحة وقدرتها على الاستدامة والتعافي في مواجهة الاضطرابات العالمية والكوارث الطبيعية والصدمات.
قبل جائحة كورونا، كان القطاع السياحي يمثل أكبر قطاع خدمي في العالم، إذ كان يوفر وظيفة واحدة من كل 10 وظائف في العالم، وما يقرب من سبعة في المئة من إجمالي التجارة الدولية و25 في المئة من صادرات الخدمات في العالم.
في عام 2019، قُيم القطاع بأكثر من تسعة تريليونات دولار أميركي، ويمثل 10.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفقاً لبيانات البنك الدولي.
في الربع الأخير من عام 2023، استطاع القطاع السياحي العالمي التعافي بنسبة تقارب 90 في المئة مقارنةً بمستويات ما قبل الجائحة، وبحسب أحدث البيانات الصادرة عن منظمة السياحة العالمية سافر ما يقدر بنحو 975 مليون سائح دولياً بين يناير كانون الثاني وسبتمبر أيلول 2023، بزيادة قدرها 38 في المئة على الأشهر ذاتها عام 2022.
الشرق الأوسط يتصدر الانتعاش السياحي بعد الجائحة
يستمر الشرق الأوسط في صدارة الانتعاش السياحي مقارنة بالمناطق الأخرى، مع تعافي نسبة السياح الوافدين بنحو 20 في المئة فوق مستويات ما قبل الجائحة في الأشهر التسعة حتى سبتمبر أيلول 2023، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية.
ويظل الشرق الأوسط المنطقة الوحيدة في العالم التي تجاوزت مستويات عام 2019 في هذه الفترة، وتساعد تدابير تسهيل الحصول على التأشيرات، وتطوير وجهات جديدة، والاستثمارات في المشاريع الجديدة المتعلقة بالسياحة واستضافة الأحداث الكبيرة، على دعم هذا الأداء الرائع.
هل تأثرت السياحة بالكوارث الطبيعية في الشرق الأوسط 2023؟
على الرغم من تعافي القطاع السياحي في الشرق الأوسط بشكل عام في 2023، فإن المنطقة تلقت ضربات عدة خلال العام ذاته، إذ أثّرت الحرب والكوارث الطبيعية على هذا القطاع الحيوي في منطقة الشرق الأوسط بشكل بالغ، ما زاد من إجهاد البلدان المتضررة بالفعل من تدهور الظروف الاقتصادية والمتأثرة بالطقس القاسي الذي تفاقمه أزمة المناخ العالمية.
آخر تلك الأحداث وأكثرها هولاً هي الحرب المستعرة في قطاع غزة، وهي موطن لنحو 2.3 مليون شخص، والتي بدأت في السابع من أكتوبر تشرين الأول العام الماضي.. وحتى وقت كتابة هذا المقال، خلفت الحرب نحو 28400 قتيل، وفقاً لإحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية.
كما اهتز الشرق الأوسط في 6 فبراير شباط 2023، بفعل زلزال تركيا وسوريا بقوة 7.8 درجة، والذي أعقبته سلسلة من الهزات الارتدادية القوية لعدة أيام، ورغم أن مركز الزلزال كان كهرمان مرعش التركية، فإن أضراره في سوريا كانت ضخمة.
وقدرت الأمم المتحدة في وقت لاحق أن الزلزال قتل نحو 50 ألف شخص، غالبيتهم العظمى في تركيا، وأطاح الزلزال بآلاف المباني، كما قدر البنك الدولي خسائر سوريا بنحو 5.1 مليار دولار، ما يمثل 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلد.
هذا الحدث المأساوي جعل السياح متشككين بشأن حجز رحلات إلى تركيا، التي تظل واحدة من أكثر وجهات العطلات جاذبية في المنطقة.
وبعد أشهر، ضربت أزمتان شمال إفريقيا في غضون أيام.
ففي الثامن من سبتمبر أيلول، ضرب زلزال بقوة 6.8 درجة جبال الأطلس المغربية، ما خلّف مئات الضحايا والجرحى، كما تضررت العديد من المعالم والمنشآت السياحية في مدينة مراكش ومنها مآذن وقباب المساجد الشهيرة مثل جامع «الكتبية»، وهو أكبر مسجد بالمدينة.
وقدرت الحكومة إعادة الإعمار بعد زلزال المغرب بمبلغ 12 مليار دولار، بهدف مساعدة المناطق المنكوبة.
وفي ليبيا المجاورة، اجتاحت عاصفة ممطرة هائلة في 11 سبتمبر أيلول سدين في البلاد، وفاضت مدينة درنة الشرقية، ما أدى إلى جرف أحياء بأكملها مليئة بالسكان إلى البحر المتوسط، وتراوحت أعداد القتلى بين نحو أربعة آلاف وأكثر من 11 ألفاً.
يتفاوت أداء وحجم القطاع السياحي بين الدول وبعضها، وليس شرطاً أن تتأثر السياحة بسبب كارثة طبيعية أو حرب في بلد ما، ولكن بيانات وزارة السياحة التركية ومنظمة السياحة العالمية تظهر ضعفاً في أعداد السياحة الوافدة خلال أشهر الأزمات في كل من سوريا وتركيا والمغرب.
ما ترتيب مدن الشرق الأوسط على مؤشر مرونة المدن؟
مؤشر مرونة المدن هو الأداة الأكثر شهرة على مستوى العالم في قياس وتقييم مستوى مرونة وصمود وسرعة تعافي المدن في مواجهة الكوارث والأزمات.
طور المؤشر بواسطة إيكونوميست إمباكت، وبدعم من مجموعة طوكيو مارين، ويهدف لمساعدة صُناع السياسات وأصحاب المصلحة على فهم المخاطر ووضع سياسات فعالة من أجل مرونة المدن.
ويضم المؤشر 25 مدينة حول العالم، عبر تقييم أربع ركائز: البنية التحتية الحيوية، والبيئة المستدامة، وقوة المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية.
وفي التقييم من صفر إلى مئة، حيث مئة تشير للأكثر مرونة، حصلت إمارة دبي على معدل 69.5، لتحتل المركز الثالث عشر، وفي الوقت نفسه، تبوأت صدارة المدن إقليمياً من حيث البنية التحتية الحيوية.
كما حصلت إسطنبول التركية على معدل 65.9 من مئة، أي المركز السادس عشر، بينما حصلت العاصمة المصرية القاهرة على المركز الـ23 من بين 25 مدينة الأكثر مرونة وقدرة على الصمود عالمياً.