تنعكس مشكلات الإنتاج التي تواجهها شركة بوينغ في صناعة الطيران المتعطشة للطائرات، ما يصعّب على شركات الطيران تلبية الطلب الشديد على السفر، ويعزز من احتمال ارتفاع أسعار التذاكر.
من جهته، رجح الرئيس التنفيذي لشركة (رايان إير)، مايكل أوليري، ارتفاع الأسعار بشكل أكبر، قائلاً «إذا كان لديك عرض محدود مع طلب قوي، فأعتقد أنه من المحتم أن ترى أسعار تذاكر الطيران ترتفع مرة أخرى هذا الصيف بين 5 و10 في المئة».
وكانت أكبر شركة طيران في أوروبا من حيث عدد الركاب تتوقع أن تستقبل 57 طائرة بوينغ هذا الصيف، لكنها تتوقع الآن الحصول على ما بين 35 و40 طائرة، وفقاً لأوليري.
ليست رايان إير الشركة الوحيدة التي لديها عدد قليل جداً من الطائرات، فقد أعلنت شركة جنوب غرب الولايات المتحدة، التي تسيّر طائرات بوينغ 737 فقط، الأسبوع الماضي أن شركة بوينغ ستسلم طائرات أقل بنسبة 40 في المئة، عما كانت تتوقعه هذا العام.
تعاني شركات الطيران الأخرى أيضاً من نقص حاد في الطائرات، ولا تقتصر المشكلة على شركة بوينغ.
وفقاً لشركة تحليلات الطيران (سريام)، فإن نحو 600 طائرة إيرباص تم إيقافها على مستوى العالم خلال الشهر الماضي على الأقل بسبب مشكلة في المحركات التي تصنعها شركة تصنيع الطيران الأميركية برات آند ويتني.
الأمر الذي يضر بشركة لوفتهانزا، المجموعة الألمانية التي تمتلك أيضاً شركات طيران في النمسا وسويسرا، إذ قال الرئيس التنفيذي كارستن سبور لشبكة CNN، إن أكثر من 30 طائرة من عائلة (إيرباص إيه 320 نيو) متوقفة حالياً عن الطيران.
وأضاف أن هذه الصناعة تعاني من هذا النقص في الطائرات، ما يؤثر على قدرة الشركة على النمو.
بدوره، قال مؤسس آر دبليو مان آند كومباني، روبرت مان، إن وقف تشغيل بعض الطائرات وتأخير تسليم الطائرات الجديدة سيعنيان أن الأسعار في الولايات المتحدة يجب أن تظل مرتفعة حتى نهاية عام 2024.
واستشهد مان ببيانات من شركة إيرلاينز ريبورتينج كوربوريشن، التي تتتبع مبيعات التذاكر في جميع أنحاء العالم، والتي تظهر أن أسعار الرحلات الداخلية الأميركية المحجوزة في فبراير شباط للسفر هذا العام كانت أعلى بنسبة 5 في المئة إلى 6 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وهو ما يتجاوز معدل التضخم الإجمالي.
إنتاج إيرباص القليل
قد تكون قيود العرض التي تساعد على إبقاء أسعار تذاكر الطيران المرتفعة موجودة لبعض الوقت حتى الآن، فهناك شبه احتكار ثنائي بين شركتي بوينغ وإيرباص في تصنيع الطائرات التجارية، ما يعني أن شركات الطيران ليس لديها خيار تقريباً سوى الانتظار.
ووفقاً لرابطة صناعة الطيران في المملكة المتحدة، فقد تجاوز الطلب العالمي المتراكم للطائرات التجارية الآن 15.7 ألف.
في العام الماضي، قدمت شركات الطيران 3850 طلباً على مستوى العالم لشراء طائرات تجارية، وهو أعلى رقم منذ أن بدأت الرابطة في نشر البيانات في عام 2010، بزيادة تقدر بنسبة 91 في المئة عن عام 2022.
بالمقارنة، سلمت شركات صناعة الطائرات 1265 طائرة، بزيادة 11 في المئة فقط عن العام السابق.
قالت شركة بوينغ هذا الأسبوع إنها أبطأت إنتاج طائراتها من طراز 737 ماكس بعد أن انفجر جزء من جسم طائرة ماكس 9 في منتصف الرحلة في أوائل يناير كانون الثاني، ما ترك فجوة كبيرة في جانب الطائرة.
ولم يصدق منظمو الطيران بعد على أمان طائرة بوينغ ماكس 10 للركاب، علماً أنها طائرة مهمة لنمو شركات الطيران مثل رايان إير، التي وقعت صفقة بقيمة 40 مليار دولار العام الماضي لشراء نحو 300 طائرة.
وكان لدى شركة إيرباص طلبات متراكمة تقترب من 8600 طائرة تجارية في نهاية العام الماضي، وهي محجوزة بالفعل حتى عام 2030.
كما أن شركة صناعة الطائرات الأوروبية أصبحت أقل إنتاجية بكثير مما كانت عليه من قبل مع استمرار مكامن الخلل في سلسلة التوريد.
وقال الرئيس التنفيذي غيلام فوري في مؤتمر أوروبا 2024 في برلين هذا الأسبوع «ما زلنا في إيرباص ننتج طائرات أقل بكثير مما كنا ننتجه في عام 2019».
ارتفاع الطلب
حتى قبل أن تقلب مشكلات بوينغ الصناعة رأساً على عقب، لم تكن شركات الطيران مستعدة لعودة السفر الجوي بقوة عقب الجائحة، فقد قلصت العديد من الشركات حجم أساطيلها وسرحت الآلاف من الموظفين لمجرد البقاء، إذ أدت عمليات الإغلاق التي فرضها كوفيد -19 إلى تضييق الخناق على السفر الجوي.
وتسعى شركات الطيران الآن جاهدة للاستجابة للطلب المتزايد، لكن تصطدم أزمة بوينغ بمشكلات سلسلة التوريد.
ومن المتوقع أن يسافر نحو 4.7 مليار شخص بالطائرة خلال العام الجاري، وهو رقم قياسي يتجاوز 4.5 مليار شخص المسجل في عام 2019، وفقاً للاتحاد الدولي للنقل الجوي.
وقال ريتشارد أبوالعافية، العضو المنتدب لشركة (آيرودايناميك أدفيزوري) إن الطاقة الاستيعابية ستكون محدودة، وهذا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار التذاكر.
(هنا زيادي – CNN)