يبدو أن شركات التأمين البحري ستكون في مأزق كبير، إذ يرجح أن يؤدي اصطدام سفينة الشحن الضخمة بجسر فرانسيس سكوت كي في بالتيمور إلى مطالبات قد تصل إلى مليارات الدولارات.

وفي ظل مشاركة العديد من المالكين والشركات، فضلاً عن إمكانية اللجوء إلى بعض القوانين البحرية القديمة، فإن الأمر يزداد تعقيداً لمعالجة الخسائر الاقتصادية والأضرار الناجمة عن الأرواح المفقودة والهياكل المادية.

من جهته، رجح جون ميكلوس، رئيس المعهد الأميركي للتأمين البحري، أن تبلغ قيمة هذا الادعاء مليار دولار، وقد يستمر الأمر لسنوات أيضاً.

وفي الوقت نفسه، يقدر المحللون في بنك باركليز أن التكلفة الإجمالية لمطالبات التأمين من الكارثة يمكن أن تصل إلى ثلاثة مليارات دولار.

شركات التأمين تدفع الثمن

تعود ملكية سفينة دالي لشركة (غريس أوشن برايفت)، التي يقع مقرها في سنغافورة، وهي مؤمنة من قبل نادي بريتانيا للحماية والتعويض.

نادي بريتانيا واحد من عشرة أندية أعضاء في التأمين البحري ضمن المجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض، وهو اتحاد يوفر تغطية المسؤولية البحرية لنحو 90 في المئة من مطالبات مسؤولية الشحن البحري بين الأعضاء.

لم تستجب المجموعة الدولية لأندية الحماية والتعويض لطلب CNN التعليق.

من جهته، قال بريندان هولمز، محلل موديز، إن هناك 80 شركة إعادة تأمين مختلفة توفر نحو ثلاثة مليارات دولار في التغطية لشركات التأمين في دالي، موضحاً أنه نظراً لأن الخسائر ستتوزع على العديد من شركات التأمين، فمن غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى إفلاس أي من الشركات أو التسبب في ارتفاع كبير في أسعار التأمين.

وقال ميكلوس لشبكة CNN إن نوادي تأمين الحماية والتعويض هذه تجمع الخسائر بشكل جماعي، لكنها تشتري أيضاً برنامج إعادة تأمين واسع النطاق، موضحاً أنه عندما نبدأ الحديث عن خسائر بقيمة مليار دولار أو أكثر، فإن هذا يتوزع على سوق إعادة التأمين العالمية بأكملها.

كم ستكلف إعادة البناء؟

ما زال الوقت مبكراً لمعرفة الفاتورة النهائية للأضرار وإعادة البناء، لكن لوريتا ورترز، المتحدثة باسم معهد معلومات التأمين، قالت إن الجسر وحده قد تبلغ قيمته أكثر من 1.2 مليار دولار، وأضافت «ستكون هناك دعاوى ذات مسؤولية كبيرة، وتكاليف طبية للناجين، وتكاليف التنظيف، إضافة إلى الأضرار والخسائر التي لحقت بالسيارات وعمليات التنظيف من الحطام وإعادة الإعمار».

وأشار ميكلوس إلى دفعات التأمين البالغة نحو 1.5 مليار دولار بعد أن رست سفينة كوستا كونكورديا السياحية على جزيرة قبالة إيطاليا في عام 2012، باعتبارها واحدة من أعلى مطالبات التأمين حديثاً، بينما رجّح أن تتفوق المطالبات الحالية عليها من حيث التكلفة الإجمالية.

وكتب محللون في بنك باركليز في مذكرة يوم الأربعاء أن التكلفة المحتملة لمطالبات التأمين من انهيار الجسر قد تتراوح بين مليار دولار وثلاثة مليارات دولار.

وقال المحللون إن المطالبات بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالجسر وحده قد تصل إلى نحو 1.2 مليار دولار، ومن المرجح أن تتراوح التزامات القتل غير المشروع بين 350 و700 مليون دولار، كما توقعوا تحديد بعض مطالبات انقطاع الأعمال.

قوانين قديمة

يمكن لمالك دالي أن يلجأ إلى قانون قديم، ففي حين أنها مملوكة لشركة غريس أوشن برايفت، فإن شركة الشحن الدنماركية العملاقة (ميرسك) استأجرتها عندما اصطدمت بالجسر في وقت مبكر من صباح الثلاثاء.

وقال مارتن ديفيز، مدير مركز القانون البحري بجامعة تولين، إنه عندما يتعلق الأمر بالقانون البحري فإن كل المسؤولية تنتهي على عاتق مالك السفينة، وهو الشركة السنغافورية، أما ميرسك، وهي الشركة الدنماركية التي لديها كل البضائع على متن السفينة، فليست مسؤولة.

لكن مالك السفينة لديه القدرة على تحديد سقف كبير للمبلغ الذي يتحمله في هذه الحالة، وذلك بفضل قانون يعود تاريخه إلى عام 1851، إذ يمكن للنظام الأساسي -الذي استخدمه مالكو آر إم إس تيتانيك- أن يحد من مسؤولية مالك السفينة.

انهيار جسر بالتيمور

من شبه المؤكد إعادة بناء الجسر بغض النظر عن مبلغ التأمين المدفوع، حيث قال الرئيس جو بايدن، يوم الثلاثاء، إن الحكومة الفيدرالية ستدفع تكلفة إعادة بناء الجسر، على الرغم من أنه ليس من الواضح على الفور من أين ستأتي هذه الأموال أو تكلفة إعادة البناء.

وقال بايدن يوم الثلاثاء «أعتزم أن تدفع الحكومة الفيدرالية التكلفة الكاملة لإعادة بناء هذا الجسر، وأتوقع أن يدعم الكونغرس جهودي»، مضيفاً أن العملية ستستغرق بعض الوقت.

خسائر اقتصادية

في حين أن اصطدام السفينة بالجسر قد يؤدي إلى انقطاع الأعمال في المنطقة، يشير ديفيز إلى أن الخسائر الاقتصادية البحتة لا يمكن استردادها من أصحاب السفينة.

وقال ديفيز، مستشهداً بقرار المحكمة العليا الصادر عام 1927 في قضية شركة روبينز للحوض الجاف والإصلاح ضد فلينت، إن جميع خسائر انقطاع الأعمال، التي ستكون كبيرة، لن تكون قابلة للاسترداد من السفينة.

وأضاف «على سبيل المثال، أعتقد أن هناك معمل تكرير سكر دومينو بجوار الجسر يستخدمه طوال الوقت، وسيعاني من خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة لذلك غير قابلة للاسترداد، لكن من المرجح أن تنجح مطالبات الأشخاص الذين فقدوا أفراداً من عائلاتهم أو أصيبوا في الانهيار».

وأوضح «لكن بخلاف ذلك، فإن التأثير الاقتصادي لما حدث سيكون هائلاً، ولا يمكن استرداده من السفينة».

يأتي ذلك في الوقت الذي يعكف فيه المشرعون في ولاية ماريلاند على صياغة مشروع قانون طوارئ لتوفير دخل بديل لعمال ميناء بالتيمور المتأثرين بانهيار الجسر.

(كاثرين ثوربيك وناثانيال مايرسون-CNN)