تنعقد اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين السنوية للمرة الثانية في المنطقة العربية عندما تستضيف مدينة مراكش المغربية خلال الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر تشرين الأول الجاري.
وسبق أن استضافت مدينة دبي الإماراتية عام 2003 الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي و البنك الدولي لأول مرة في المنطقة العربية، وتأتي الاجتماعات في وقت يعاني فيه المغرب من تبعات زلزال مدمر أدى لمئات القتلى والجرحى.
وكانت الاجتماعات مهددة بالإلغاء بسبب زلزال المغرب، إلا أن المؤسستين الدوليتين قررتا بالتنسيق مع السلطات المغربية إقامة الاجتماعات في موعدها مع تعديل محتوى الاجتماعات في ضوء الظروف الراهنة.
وقال الصندوق وقتها إنه يتطلع ألا يعوق انعقاد الاجتماعات جهود إغاثة المنكوبين من الزلزال، مشيراً إلى أن اجتماعات مراكش ستكون فرصة للمجتمع الدولي للوقوف إلى جانب المغرب وشعبه اللذين أثبتا مجدداً صلابتهما في مواجهة الفواجع، مؤكداً الالتزام بضمان سلامة جميع المشاركين.
وفي أعقاب الزلزال وافق صندوق النقد الدولي على منح المغرب قرضاً بقيمة 1.32 مليار دولار، مدته 18 شهراً، عبر صندوق الصمود والاستدامة التابع للمؤسسة المالية الدولية.
وقال الصندوق إن القرض سيساعد المغرب على معالجة نقاط الضعف على الصعيد المناخي، وتعزيز مرونته في مواجهة تغير المناخ، واغتنام الفرص من وقف انبعاثات الكربون، إضافةً إلى دفع التمويل من أجل التنمية المستدامة.
اجتماعات صندوق النقد في مراكش
يجري الإعداد لاجتماعات صندوق النقد في مراكش منذ خمس سنوات وتأجلت مرتين بسبب جائحة كورونا، كما أنها المرة الأولى منذ 50 عاماً التي يُعقد فيها الاجتماع السنوي في القارة الإفريقية.
ستُعقد الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي و صندوق النقد الدولي في حي باب إغلي بمدينة مراكش، إذ أنشأ المغرب حرماً جامعياً بمساحة 23 هكتاراً من أجل استضافة فعاليات الاجتماعات داخل قرية مستدامة.
وسبق أن استضاف موقع باب إغلي بالفعل العديد من الفعاليات بما في ذلك كوب 22 والذي عقد في المغرب عام 2016، وكذلك قمة الأمم المتحدة حول الهجرة في 2018.
وتضم هذه القرية المخصصة قاعة كبرى تسع نحو أربعة آلاف مشارك و46 قاعة بمساحات تتراوح ما بين 250 إلى 1200 متر مربع، بالإضافة إلى منطقة لكبار الشخصيات والإعلام ومطاعم.
ومن المتوقع أن يشارك نحو 12 ألف شخص من 189 دولة، بحسب بيانات الحكومة المغربية.
الدول العربية وصندوق النقد
وستكون استضافة اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين فرصة لمنح السياحة في المغرب دفعة في أوقات صعبة تمر بها البلاد وتحديداً مراكش التي تضررت العديد من المعالم والمنشآت السياحية فيها بفعل الزلزال ومنها مآذن وقباب المساجد الشهيرة مثل جامع الكتبية، وهو أكبر مسجد بالمدينة ويقع في الحي الجنوبي الغربي بها.
وكان المغرب حقق ارتفاعاً كبيراً في إيرادات السياحة والسفر خلال أول ثمانية أشهر من العام الجاري مسجلاً ما يعادل 6.89 مليار دولار، بحسب بيانات مكتب الصرف المغربي.
كما تأتي الاجتماعات في وقت تعاني فيه عدة دول عربية من أزمات اقتصادية حادة وأغلبهم يرتبطون مع صندوق النقد الدولي في قروض وبرامج لم تكتمل بعد.
فمنذ مارس آذار الماضي تنتظر مصر أن تجري مراجعة لبرنامجها مع الصندوق إلا أن الصندوق ومصر يتفاوضان على بعض الإصلاحات منها مرونة سعر الصرف وهو ما عطل إتمام مراجعتين للبرنامج.
وقالت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستاليا غورغيفيا، في تصريحات تلفزيونية لها مؤخراً أنها تتطلع إلى أن تلتقي بالوفد المصري المشارك في الاجتماعات بما يسمح بالتوصل لخارطة طريقة بشأن إصلاحات التي يتعين على مصر تنفيذها.
ومنذ عدة أشهر تقف تونس على عتبة موافقة المجلس التنفيذي للصندوق للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، إلا أن الموافقة تتطلب تنفيذ تونس شروطاً وإجراءات لا تريد الحكومة التونسية تنفيذها وهو ما يعطل القرض.
ولا تزال الأوضاع في الاقتصاد اللبناني شديدة السوء إذ فشلت السلطات اللبنانية أكثر من مرة في تنفيذ إصلاحات يراها الصندوق ضرورية للاقتصاد اللبناني الذي يعاني بشدة.
الاستدامة في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين
وبجانب المناقشات المالية والاقتصادية التي ستذخر بها اجتماعات صندوق النقد في مراكش والإعلان عن رؤيته لوضع الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة، ستشهد المناقشات العديد من الجلسات والفاعليات التي ستركز على الاستدامة و تغير المناخ.
وسيناقش الصندوق والبنك الدوليين كيفية الاستثمار المؤسسي والتمويل من أجل التنمية وتحديات المناخ في الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات وسيعلن الصندوق عن إطلاق الاقتراح الفائز لتحدي الابتكار المناخي.