يسهم قطاع الخدمات اللوجستية والنقل الحضري بما يزيد قليلاً على ثُلث انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، بحسب ما قالته المنظمة الدولية للمعايير (آي.إس.أو)، فكيف يصبح النقل الحضري صديقاً للبيئة؟
تحاول دول كثيرة خفض انبعاثات الكربون التي يسببها هذا القطاع عبر عقد المؤتمرات الدولية المعنية بالاستدامة، ومن بينها مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ « كوب 28» الذي تستضيفه دبي في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر.
وبحسب منظمة «كربون كير»، يسهم قطاع النقل بنحو 24 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وبحلول عام 2050، تتوقع وكالة البيئة الأوروبية أن تتسبب الخدمات اللوجستية العالمية في 40 في المئة من انبعاثات الكربون العالمية إن لم تتخذ تدابير فعّالة في هذا الصدد.
وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإن السفر البري مسؤول عن ثلاثة أرباع انبعاثات وسائل النقل، ويأتي معظمها من سيارات الركاب والسيارات والحافلات التي بلغت حصتها من الانبعاثات الكربونية للقطاع نسبة 45.1 في المئة، أمّا نسبة 29.4 في المئة الأخرى، فتأتي من الشاحنات التي تحمل البضائع، ويمثّل الطيران 11.6 في المئة من انبعاثات وسائل النقل.
ويتسبب الشحن الدولي في كمية مماثلة من الانبعاثات تبلغ 10.6 في المئة، ويتسبب السفر بالسكك الحديدية والشحن في انبعاثات قليلة للغاية أو واحد في المئة فقط من انبعاثات وسائل النقل، أمّا وسائل النقل الأخرى التي تتمثل أساساً في نقل مواد مثل الماء والنفط والغاز عبر خطوط الأنابيب، فمسؤولة عن 2.2 في المئة من الانبعاثات.
ويمكن أن يؤدي الانتقال للنقل المستدام إلى تحقيق فوائض مالية بقيمة 70 تريليون دولار بحلول عام 2050، وفقاً للبنك الدولي.
وللمضي قدماً في سيناريو صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050، يجب أن تنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن قطاع النقل بنسبة تزيد على ثلاثة في المئة سنوياً حتى عام 2030.
فما الوسائل الأبرز لتخفيض نسبة الانبعاثات في قطاع النقل؟
تعزيز قطاع النقل الجماعي
تُطلق كل مركبة على الطريق ما معدله رطل واحد من ثاني أكسيد الكربون لكل ميل، ومقارنة بالقيادة، فإن استخدام وسائل النقل العام يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45 في المئة، ما يقلل من الملوثات في الغلاف الجوي ويحسّن جودة الهواء بحسب تقرير لجامعة «UCLA».
كما يمكن لشخصٍ واحد، يتنقل بمفرده بالسيارة ويقرر قطع رحلة مسافتها 20 ميلاً باستخدام وسائل النقل العام أن يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية بمقدار 4800 رطل سنوياً بحسب تقديرات لجمعية النقل العام الأمريكية.
تقلل وسائل النقل العام من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة دون الحد من التنقل الذي يعد أمراً حيوياً لحركة الاقتصاد وجودة حياة المواطنين، وتدخر الأسر باستخدامها وسائل النقل العام ما متوسطه 6251 دولاراً كل عام في الولايات المتحدة الأميركية وربما أكثر في ظل ارتفاع أسعار الوقود.
التحول نحو المركبات الكهربائية
الفائدة الرئيسية للسيارات الكهربائية هي المساهمة التي يمكن أن تقدمها لتحسين نوعية الهواء في البلدات والمدن، إذ إنها لا تنتج ثاني أكسيد الكربون أو أي انبعاثات ضارة أخرى أثناء القيادة.
وعلى مدى أكثر من عام، يمكن لسيارة كهربائية واحدة فقط على الطرق أن توفّر ما متوسطه 1.5 مليون غرام من ثاني أكسيد الكربون، وهذا يعادل أربع رحلات ذهاب وعودة من لندن إلى برشلونة بحسب شركة «إي.دي.إف إينيرجي» البريطانية.
وتوصلت الأبحاث التي أجرتها وكالة الطاقة الأوروبية، أنه حتى مع توليد الكهرباء فإن انبعاثات الكربون الصادرة عن تصنيع السيارة الكهربائية أقل بنحو 17 إلى 30 في المئة من قيادة سيارة تعمل بالبنزين أو الديزل.
المشي وركوب الدراجات
إن تمكين المزيد من الناس من المشي وركوب الدراجات بأمان أمر ضروري لتقليل حصة النقل البالغة نحو 27 في المئة من انبعاثات الكربون وتنفيذ اتفاقية باريس بشأن تغيّر المناخ، بحسب ما قالته شيلا واتسون، نائبة مدير مؤسسة الاتحاد الدولي للسيارات، في بيان بحسب مجلة فوربس.
ومن المتوقع أن تتضاعف الرحلات بين عامي 2020 و2050 و60 في المئة منها أقصر من 5 كيلومترات وربعها أقل من كيلومتر واحد، ولا يشكّل المشي وركوب الدراجات حالياً سوى ثُلث هذه الرحلات الحضرية على الرغم من أن المشي أو ركوب الدراجات لمدة 30 دقيقة يومياً يكفي لتلبية الحد الأدنى من المتطلبات الصحية لمنظمة الصحة العالمية ويقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة، والأهم من ذلك أنه أقل تكلفة.
بنية تحتية تتحمل آثار تغيّر المناخ
وستتأثر شبكات البنية التحتية بتقلب المناخ وتغيره، ولكنها ستلعب أيضاً دوراً أساسياً في بناء القدرة على التكيُّف مع تلك التأثيرات.
إن ضمان قدرة البنية التحتية على الصمود في وجه تغيّر المناخ سيساعد على الحد من الخسائر المباشرة وتقليل التكاليف غير المباشرة بحسب المنتدى الاقتصادي العالمي.
وينبغي إعطاء الأولوية للبنية التحتية الجديدة وتخطيطها وتصميمها وبنائها وتشغيلها لمراعاة التغيرات المناخية التي قد تحدث كما قد تحتاج البنية التحتية الحالية إلى تعديلها أو إدارتها بشكلٍ مختلف.