طلبت الحكومة المصرية من صندوق النقد الدولي مد أجل تنفيذ جميع الإصلاحات التي اتفقت عليها ضمن برنامجها للإصلاح الاقتصادي مع الصندوق.
وقال مسؤول حكومي، طلب عدم نشر اسمه، لـCNN الاقتصادية إن الحكومة المصرية بدأت التواصل مع صندوق النقد الدولي للاتفاق على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها في برنامج الإصلاح الاقتصادي المبرم في مارس آذار الماضي، «لكن على مدة أطول».
وأضاف المسؤول: «جميع الإصلاحات ستُنفذ، ولكن على فترة أطول من المتفق عليها».
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس إلى مراجعة موقف الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي، بهدف تخفيف الأعباء على المواطنين، وذلك بعد يومين من إعلان زيادة جديدة في أسعار الوقود في البلاد.
وقال «إذا كانت التحديات ستجعلنا نضغط بشكل لا يتحمله الناس فلا بُدّ من مراجعة الموقف مع صندوق النقد الدولي».
وفي مارس آذار الماضي اتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة قرضها إلى 8 مليارات دولار، بعد أن اجتازت المراجعة الثالثة لبرنامج القرض.
وكان من المقرر أن تزور بعثة من صندوق النقد مصر لإجراء المراجعة الرابعة خلال الشهر الجاري أو الشهر المقبل، إلّا أن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، قال إن مصر والصندوق توافقا على تأجيل الزيارة لتكون بعد اجتماعات الصندوق السنوية في واشنطن المقررة نهاية الشهر الجاري، مشيراً إلى أن كل المستهدفات التي كانت موضوعة تحققت.
وبعدها بأيام قال متحدث باسم صندوق النقد إن المراجعة ستُجرى خلال الأشهر المقبلة دون أن يحدد موعداً لذلك.
إجراءات ستطلب مصر تأجيل تنفيذها
يتوقع جيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن تكون الإجراءات التي طلبت مصر تأجيلها هي إجراءات تستهدف الحد من معاناة الأسر المصرية، إذ أدى خفض دعم الخبز ورفع أسعار الوقود إلى زيادة مصروفات الأسر وفرض ضغوطاً تصاعدية على التضخم.
وخلال العام الجاري رفعت مصر أسعار الوقود 3 مرات، كما أقرت زيادة في أسعار الخبز المدعوم لأول مرة منذ 30 عاماً.
ويضيف سوانستون أن هذه هي الإجراءات التي لا تزال مصر متأخرة في تطبيقها، ومن المفترض أنها كانت العامل المسهم وراء تأخر المراجعة الثالثة لمصر.
وتخطط مصر للوصول بسعر الوقود إلى التكلفة بحلول نهاية 2025.
وبحسب آنجوس بلير، الرئيس التنفيذي لمعهد Signet، لـCNN الاقتصادية، فإن الكثير مما طلبه صندوق النقد يجب أن يفيد الحكومة المصرية وإن كانت هذه الإجراءات ستسهم في ارتفاع التضخم على المدى القصير، لكنها ستساعد في خفض مصروفات وزارة المالية.
هل لدى مصر رفاهية تأجيل إجراءات الصندوق؟
على مدار العامين الماضيين عانت مصر من شح كبير في العملة الصعبة وتنامي نشاط السوق الموازية، قبل أن تقرر في مارس آذار الماضي، خفض سعر الجنيه وإعادة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والالتزام بشروط جديدة، ومن ثم توقيع صفقة استثمار رأس الحكمة مع الإمارات، والتي تقدر استثماراتها بـ35 مليار دولار.
ويتوقع جيمس سوانستون ألا تؤجل مصر برنامجها مع صندوق النقد، إذ إنها اتخذت خطوات كبيرة لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي بعد الإجراءات التي نفذتها في مارس آذار الماضي.
ويضيف أن هناك دلائل على أن أسوأ الضربات الاقتصادية قد انتهت، إذ بلغ التضخم ذروته، وبينما تسارع في الشهرين الماضيين، إلا أنه سيتباطأ بشكل ملحوظ في الربع الأول من 2025.
وخلال العام الماضي شهدت مصر موجة تضخمية غير مسبوقة، قبل أن يبدأ التضخم في التراجع على مدار 5 أشهر هذا العام، إلا أن التضخم عاد للارتفاع خلال الشهرين الماضيين.
ويقول آنجوس بلير، إن الصندوق سيتفهم مطالب مصر، لكنه سيظل ملتزماً أيضاً بضمان وفائها بالشروط المتفق عليها.
ويضيف أن بعض شروط برنامج مصر مع صندوق النقد في عام 2016 لم تنفذها مصر بالكامل.
وبحسب سوانستون فإن تداعيات الصراع في منطقة الشرق الأوسط أثر على إيرادات قناة السويس واضطرت مصر إلى استيراد المزيد من الغاز الطبيعي المسال من الخارج، ما أثقل فاتورة الحساب الجاري لمصر.
ويتوقع سوانستون أن تحصل مصر على استثمارات أجنبية من المملكة العربية السعودية خلال الأشهر المقبلة، ما سيدعم مصر على غرار ما حدث من صفقة رأس الحكمة.
ويضيف أن هذه الاستثمارات قد تعني أن أموال صندوق النقد ليست بالأهمية نفسها الآن، لكن في النهاية سيكون الاستمرار في دعم الصندوق مطلوباً مع استمرار الضغوط الخارجية على الاقتصاد المصري.