بعد الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، تُثار تساؤلات حول مصير العقوبات الأميركية والدولية التي فُرضت على دمشق في وقت سابق.
فعلى مدار أكثر من عقد، فَرضت القوى الدولية عقوبات اقتصادية شديدة على سوريا نتيجة الصراع الداخلي وسياسات النظام السابق بقيادة بشار الأسد، ما أدى إلى انهيار العملة المحلية، وتعطيل التجارة، وتدمير البنية التحتية الاقتصادية، الأمر الذي تسبب في معاناة إنسانية هائلة.
اليوم، وبعد الإطاحة بنظام الأسد، يظل مصير العقوبات الدولية على سوريا مجهولاً، فهل ستظل قائمة كوسيلة للضغط السياسي، أم ستتغير استجابة لضرورة دعم عملية إعادة الإعمار والاستقرار الاقتصادي في البلاد؟
مصير العقوبات على سوريا
أعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، أمس الأحد، عن أمله أن تُرفع العقوبات سريعاً عن سوريا، لتبدأ مسار التعافي والإعمار، مشدداً على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة يقودها السوريون أنفسهم.
وقال بيدرسون أيضاً إنه يؤيد رفع العقوبات عن هيئة تحرير الشام «الجماعة الإسلامية» التي قادت الهجوم ضد نظام بشار الأسد، من خلال «عملية منظمة».
من جانبه، صرّح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يوم السبت، بأن الولايات المتحدة مستعدة للنظر في تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، لكن ليس في الوقت الحالي.
وأوضح أنه في حال مضت العملية الانتقالية قدماً، «سننظر من جانبنا في عقوبات مختلفة وإجراءات أخرى سبق أن اتخذناها، ونرد بالمثل».
وفي الأسبوع الماضي، بعث عضوان في الكونغرس الأميركي برسالة إلى كبار المسؤولين في إدارة الرئيس المنتهي ولايته جو بايدن، دعوا فيها إلى تعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا بهدف التخفيف من الضغوط الاقتصادية على البلاد بعد سقوط نظام الأسد.
موقف الاتحاد الأوروبي
من جهتها، أكّدت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن الاتحاد لن يرفع العقوبات المفروضة على سوريا بعد الإطاحة ببشار الأسد، إلّا إذا ضمنت الحكومة الجديدة عدم اضطهاد الأقليات وحماية حقوق المرأة ضمن إطار حكومة موحدة ترفض التطرف الديني.
وقالت كالاس في مقابلة مع وكالة رويترز «إحدى القضايا المطروحة هي ما إذا كنا نستطيع في المستقبل النظر في تعديل نظام العقوبات، لكن هذا الأمر ليس ضمن جدول الأعمال في الوقت الراهن، وإنما قد يصبح محط نقاش في وقت لاحق عندما نرى خطوات إيجابية».
العقوبات الاقتصادية على سوريا
وواجهت سوريا الكثير من العقوبات الاقتصادية بعد اندلاع الحرب في 2011، وقد توسعت هذه العقوبات بشكل ملحوظ على مر السنوات، وكان أبرزها «قانون قيصر» الأميركي الذي بدأ سريانه في عام 2020.
وقانون قيصر لحماية المدنيين السوريين هو تشريع أميركي صدر في ديسمبر 2019 وبدأ تطبيقه في يونيو 2020، ويهدف إلى فرض عقوبات واسعة على الحكومة السورية وداعميها وكل من يتعامل معها اقتصادياً أو عسكرياً، وذلك للضغط على النظام لوقف الانتهاكات ضد المدنيين والدفع نحو إيجاد حل سياسي للصراع.
كما فرضت الولايات المتحدة ودول أوروبية وكندا وأستراليا عقوبات اقتصادية ومالية منذ 2011 على سوريا بسبب الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبها النظام السوري.
وتشمل العقوبات المفروضة على سوريا تجميد الأصول وحظر التعاملات المالية، بالإضافة إلى تقييد السفر وفرض عقوبات دبلوماسية بالإضافة إلى حظر استيراد وتصدير مواد معينة.
واستهدفت العقوبات على مراحل متعددة شخصيات أمنية وعسكرية، فضلاً عن قطاعات اقتصادية حيوية، وشبكات دولية وحلفاء للنظام السوري.
وكان الهدف من هذه العقوبات هو استخدامها كأداة للضغط على النظام السوري بغرض تغيير سلوكه أو إضعافه اقتصادياً وسياسياً.
وأثرت هذه العقوبات بشكل كبير على التجارة الخارجية لسوريا، حيث فُرضت قيود صارمة على الشركات السورية، بما في ذلك البنوك والموانئ، ما جعل عمليات التبادل التجاري الدولي أكثر صعوبة وأسهم في تراجع معدلات الصادرات والواردات.
ووفقاً لآخر بيانات البنك الدولي، وصل الفقر في سوريا عام 2022 إلى 69 في المئة من السكان، أي ما يعادل نحو 14.5 مليون سوري، كما عانى أكثر من ربع السكان من الفقر المدقع في العام نفسه.