تتهافت شركات النفط الأوروبية على إبرام عقود طويلة الأجل لشراء كميات من الغاز الطبيعي والغاز المسال، في محاولة منها لتأمين إمدادات الوقود للقارة العجوز لمنع تكرار تعرضها لأزمة كما حدث في العام الماضي، نتيجة لوقف امدادات الغاز الروسي.

فخلال الشهر الماضي، وقعت شركة إيني الإيطالية اتفاقا مع شركة قطر للطاقة اتفاقية تقوم بمقتضاها قطر بتصدير ما يصل إلى مليون طن سنوياً من الغاز المسال إلى إيطاليا بموجب عقد تصل مدته 27 عام.

كما عدّلت شركة شل للغاز الهولندية اتفق شراء 1.6 مليون طن سنوياً من الغاز المسال من الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال ابتداءً من 2025 وحتى 2034، وفق لبيان صدر عن شل.

يقول أندريه كوفاتاريو، خبير الطاقة، إن الدول الأوروبية تعمل من خلال شركات النفط التابعة لها على تنويع مصادر الغاز الطبيعي لتوفير الطاقة، بعيداً عن الغاز الروسي وتعتمد كثيراً على الولايات المتحدة وقطر.

لا نقص في امدادات الغاز الطبيعي

يقول كوفاتاريو «أوروبا لن تواجه أزمة جديد ناتجة عن نقص امدادات الغاز الطبيعي، حيث نجحت في تخزين نحو 95 في المئة من احتياجاتها من الغاز لفصل الشتاء القادم، ولكن يعتمد الأمر على كيف ستكون ظروف الشتاء، وما إذا كان الشتاء سيكون قاسياً وطويلاً فقد يؤدي ذلك إلى زيادة في الطلب وبالتالي قد تكون الاحتياطيات غير كافية».

وقالت اس أند بي غلوبال في تقرير خلال شهر سبتمبر أيلول إن الطلب على الغاز في أوروبا لا يزال منخفضاً جداً عن مستويات ما قبل أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، لكن أي انقطاع جديد في الإمدادات أو شتاء شديد البرودة قد يؤدي إلى خطر نقص الغاز.

ونقل التقرير عن توم بوردي، كبير محللي الغاز في المؤسسة أن عودة الإنتاج في أكتوبر تشرين الأول الماضي، من المتوقع أن تساهم في خفض أسعار الغاز الطبيعي في شهر سيكون فيه التخزين عند أعلى مستوياته على الإطلاق.

وخلال العام ونصف العام الماضيين، تراجعت إمدادات أوروبا من الغاز الروسي بشكل كبير، ولكنها مستمرة في شراء الغاز الروسي عبر خط الأنابيب في أوكرانيا، بموجب عقد ساري المفعول سينتهي في نهاية عام 2024.

الإمدادات الرئيسية من الولايات المتحدة وقطر

ومع ذلك، فقد انخفض إجمالي إمدادات الغاز ومشترياته من روسيا، خاصة وأن الولايات المتحدة قدمت الكثير من كميات الغاز في العام الماضي.

وقال كوفاتاريو «كما زاد التعاون بين الاتحاد الأوروبي وقطر. لقد شهدنا في الفترة الأخيرة توقيع عقد جديد بين قطر وشركة شل في هولندا لمدة 27 عاما. المزيد والمزيد من دول أوروبا تقوم بتنويع مصادرها بعيداً عن الغاز الروسي وتعتمد كثيراً على الولايات المتحدة وقطر.

«أنا متأكد من أنهم سوف ينظرون إلى دول مجلس التعاون الخليجي للحصول على مصادر أخرى. لكن هذا يأتي مع بعض التحديات، فثمة مشاكل جيوسياسية في المنطقة، والتي قد تؤدي بطريقة أو بأخرى إلى تهديد توافر كميات الغاز المتفق عليها».

هل تؤثر حرب إسرائيل-غزة على إمدادات الغاز؟

أسواق الغاز المسال كونها عالمية تتأثر بعوامل عديدة مثل التهديد بالإضراب في أستراليا والحرب بين إسرائيل وحماس، لذا فإن هذه الأمور تُترجم على الفور إلى ارتفاع الأسعار في السوق الفورية.

في بداية أكتوبر تشرين الأول الماضي، علقت وزارة الطاقة الإسرائيلية عمليات الإنتاج في حقل تمار للغاز قبالة ساحلها الجنوبي.

ويقول لكوفاتاريو إن تأثيرات الحرب بين إسرائيل وغزة لن تكون مباشرة على إمدادات الغاز لأوروبا، مضيفاً «تواجه مصر بعض المشكلات في توريد الغاز الإسرائيلي المسال إلى أوروبا، وفقاً للاتفاق بين الأطراف الثلاثة. فتعليق إنتاج الغاز لن يكون له تأثير مباشر على إمدادات أوروبا»، في إشارة إلى أن الصادرات المصرية متوقفة بالفعل منذ يونيو حزيران.